السبت، 8 أغسطس 2015

لغة الجبل

لغة الجبل
قصة قصيرة
الأول من رمضان 1430
بعد أن هدأت نفسه أخذ يتجول بنظره في الأفاق, فعلم أنه قد وصل الى بغيته, فمن خلال هذا العلو الشاهق يستطيع أن يمسك السماء ويلتحف بالغيم وأن يرى التاس كنمل هو كبيرهم. نظر الى الغيم فوجده يرحل فسأله لما كل هذه البروق والرعود؟ فرد عليه من بعيد: دعك من هذا واستمتع بوقتك فأنت الآن فوق القمة ولا أحد معك, فهب نسيم الريح يدغدغ وجنتيه فسأله لما كل هذه الأعاصير؟ فرد عليه: هون عليك أنا الآن ملك يديك, ابتسم وقال حسناً ثم مشى والعشب الأخضر يتلألأ بالندى والطيور تغازله الحديث واليعاسيب تحييه بأجنحتها, غدى فرحاً سعيداً بما أنجزه, إنه الأنتصار الكبير, فوقف واستوقفته لحظة من الزمان, أخذ يتدرج نظره صعوداً الى أعلى السماء, يرقب النجوم, نجمة تلو نجمة, أراد أن يستوطنها فأخذ يشد قامته الى أعلى حتى ارتفعت قدماه وبدأ بالقفز فلما استحالت أكمل فلما خطى تعثرت قدماه فهوى فعاد الغيم مسرعاً وغمر الأرض بالأمطار فأصبحت زلقة فازداد تدحرجاً فسأله أما كنت مسافراً؟ فقال: اجل إني أحب الساقطين, وأقبل الريح يدفعه بقوة نحو القاع فسأله أين النسيم؟ فقال: هو في القمة أما أنا ففي القاع. وبعد وصوله الى القاع, هجعت نفسه بالبكاء فسقطت دمعة على نملة نائمة فاستيقظت فقالت: علام البكاء, أنتم بني الإنسان تحبون الدعة, فأبصر ذلك الجبل واصعد وتذوق الموت, فامتلأ قوة وملأ دلوه بالماء, وبدأ يصعد فانغرزت شوكة في قدمه اليمنى فأخذ يصرخ ويزأر ولا مجيب, فامتلأ قوة وملأ دلوه بالماء وانتزع الشوكة وسال الدم, ثم سار فأقبلت الغيوم وأظلمت الأبصار ثم أرعدت وأبرقت وأبردت فأخذ يثرثر الكلام فأمطرت فتزحلقت قدماه فأمسك بعشبة ثم امتلأ قوة وملأ دلوه بالماء ورفع يديه الى السماء فتمتمت شفتاه فأنقشع الغمام ثم سار فأقبلت يعسوبة وقالت له: نحن بالإنتظار وأخذ يصعد ويصعد ويصعد حتى شارفت القمة فأقبلت الريح من بعيد أثارت الغبار وقلعت الأشجار فعرف أنه الإعصار فامتلأ قوة وملأ دلوه بالماء وأمسك بالعشبة وثبت على اليقين فعرفت الريح أنه المستحيل فهدأت فوصل الى القمة فخطى فتدحرج الى القاع فقالت نملة: أنتم يا معشر الإنسان تحبون الدعة, قم وابصر ذلك الجبل الأبيض فامتلأ قوة وملأ دلوه بالماء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق